واجبات الصلاة فيما يجب في الصلاة وهي أحد عشر : النيّة، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والقراءة، والذكر، والركوع، والسجود، والتشهّد، والتسليم، والترتيب، والموالاة، والأركان - وهي التي تبطل الصلاة بنقيصتها عمداً وسهواً - خمسة: النيّة، والتكبير، والقيام، والركوع، والسجود، والبقيّة أجزاء غير ركنيّة لا تبطل الصلاة بنقصها سهواً، وفي بطلانها بالزيادة تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى، هذا في صلاة الفريضة في حال الاختيار، وسيأتي سقوط بعض المذكورات إلى البدل أو لا إلى البدل في حال الاضطرار، كما سيأتي حكم الصلاة النافلة في مطاوي الفصول الآتية، وهي: الفصل الأوّل في النيّة وقد تقدّم في الوضوء: أنّها القصد إلى الفعل متعبّداً به بإضافته إلى الله تعالى إضافة تذلّليّة، فيكفي أن يكون الباعث إليه أمر الله تعالى، ولا يعتبر التلفّظ بها، ولا إخطار صورة العمل تفصيلاً عند القصد إليه، ولا نيّة الوجوب ولا الندب، ولا تمييز الواجبات من الأجزاء عن مستحبّاتها، ولا غير ذلك من الصفات والغايات، بل يكفي الإرادة الإجماليّة المنبعثة عن أمر الله تعالى، المؤثّرة في وجود الفعل كسائر الأفعال الاختياريّة الصادرة عن المختار المقابل للساهي والغافل.مسألة 569يعتبر فيها الإخلاص فإذا انضمّ الرياء إلى الداعي الإلهيّ بطلت الصلاة وكذا غيرها من العبادات الواجبة والمستحبّة سواء أكان الرياء في الابتداء أم في الأثناء، ولو راءى في جزء - واجب أو مستحبّ - فإن سرى إلى الكلّ بأن كان الرياء في العمل المشتمل عليه، أو لزم من تداركه زيادة مبطلة بطلت صلاته، وإلّا لم‏ يوجب بطلانها - كالرياء في جلسة الاستراحة إذا تداركها - وكذا الحال لو راءى في بعض أوصاف العبادة فلا تبطل إلّا مع سرايته إلى الموصوف مثل أن يرائي في صلاته جماعة أو في المسجد أو في الصفّ الأوّل أو خلف الإمام الفلانيّ أو أوّل الوقت أو نحو ذلك.وأمّا مع عدم السراية - كما إذا راءى في نفس الكون في المسجد ولكن صلّى من غير رياء - فلا تبطل صلاته، كما أنّها لا تبطل بالرياء فيما هو خارج عنها مثل إزالة الخبث قبل الصلاة والتصدّق في أثنائها، وليس من الرياء المبطل ما لو أتى بالعمل خالصاً لله تعالى، ولكنّه كان يعجبه أن يراه الناس، كما أنّ الخطور القلبيّ لا يبطل الصلاة، خصوصاً إذا كان يتأذّى بهذا الخطور .ولو كان المقصود من العبادة أمام الناس رفع الذمّ عن نفسه أو ضرر آخر غير ذلك لم ‏يكن رياءً ولا مفسداً على ما سيأتي في المسألة التالية، والرياء المتأخّر عن العبادة لا يبطلها، كما لو كان قاصداً الإخلاص ثُمَّ بعد إتمام العمل بدا له أن يذكر عمله رغبة في الأغراض الدنيويّة، والعُجب المتأخّر لا يبطل العبادة، وأمّا المقارن فإن كان منافياً لقصد القربة كما لو وصل إلى حدّ الإدلال على الربّ تعالى بالعمل والامتنان به عليه أبطل العبادة وإلّا فلا يبطلها.مسألة 570الضمائم الأُخر غير الرياء إن كانت راجحة أو مباحة وكان الداعي إليها القربة كما إذا أتى بالصلاة قاصداً تعليم الغير أيضاً قربة إلى الله تعالى لم‏ تضرّ بالصحّة مطلقاً، وأمّا إذا لم يكن الداعي إلى الضميمة هي القربة فيؤدّي إلى بطلان الصلاة إن لم يكن الداعي الإلهيّ محرّكاً وداعياً بالاستقلال، بل وإن كان كذلك على الأحوط لزوماً.مسألة 571: يعتبر تعيين نوع الصلاة التي يريد الإتيان بها ولو مع وحدة ما في الذمّة، سواء أكان متميّزاً عن غيره خارجاً أم كان متميّزاً عنه بمجرّد القصد كالظهر والعصر وصلاة القضاء والصلاة نيابة عن الغير، وكذلك يعتبر التعيين فيما إذا اشتغلت الذمّة بفردين أو أزيد مع اختلافهما في الآثار كما إذا كان أحدهما موقّتاً دون الآخر .وأمّا مع عدم الاختلاف في الآثار فلا يلزم التّعيين كما لو نذر صلاة ركعتين مكرّراً فإنّه لا يجب التّعيين في مثله، ويكفي في التّعيين في المقامين القصد الإجماليّ، ولا يعتبر إحراز العنوان تفصيلاً، فيكفي في صلاة الظهر مثلاً قصد ما يؤتى به أوّلاً من الفريضتين بعد الزوال، وكذا يكفي فيما إذا اشتغلت الذمّة بظهر أدائيّة وأُخرى قضائيّة مثلاً أن يقصد عنوان ما اشتغلت به ذمّته أوّلاً وهكذا في سائر الموارد.مسألة 572لا تجب نيّة الوجوب ولا الندب ولا الأداء ولا غير ذلك من صفات الأمر والمأمور به، نعم يعتبر قصد القضاء ويتحقّق بقصد بدليّة المأتيّ به عمّا فات، ويكفي قصده الإجماليّ أيضاً، فإذا علم أنّه مشغول الذمّة بصلاة الظهر ولا يعلم أنّها قضاء أو أداء صحّت إذا قصد الإتيان بما اشتغلت به الذمّة فعلاً، وإذا اعتقد أنّها أداءٌ فنواها أداءً صحّت أيضاً إذا قصد امتثال الأمر المتوجّه إليه وإن كانت في الواقع قضاءً، وكذا الحكم في سائر الموارد.مسألة 573لا يجب الجزم بالنيّة في صحّة العبادة، فلو صلّى في ثوب مشتبه بالنجس لاحتمال طهارته، وبعد الفراغ تبيّنت طهارته صحّت الصلاة وإن كان عنده ثوب معلوم الطهارة، وكذا إذا صلّى في موضع الزحام لاحتمال التمكّن من الإتمام فاتّفق تمكّنه صحّت صلاته، وإن كان يمكنه الصلاة في غير موضع الزحام.مسألة 574قد عرفت أنّه لا يجب حين العمل الالتفات إليه تفصيلاً وتعلّق القصد به كذلك، بل يكفي الالتفات إليه وتعلّق القصد به قبل الشروع فيه وبقاء ذلك القصد إجمالاً على نحو يستوجب وقوع الفعل من أوّله إلى آخره عن داعٍ قربيّ، بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنّه يفعل عن قصد قربيّ، وإذا سئل أجاب بذلك، ولا فرق بين أوّل الفعل وآخره.مسألة 575إذا تردّد المصلّي في إتمام صلاته، أو عزم على قطعها ولو بعد ذلك، أو نوى الإتيان بالقاطع مع الالتفات إلى كونه مبطلاً فإن لم‏ يأتِ بشيء من أجزائها في هذا الحال ولم ‏يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى نيّته الأُولى وإتمام صلاته، وأمّا إذا أتى ببعض الأجزاء ثُمَّ عاد إلى النيّة الأُولى فإن قصد به جزئيّة الصلاة وكان فاقداً للنيّة المعتبرة كما إذا أتى به بداعويّة الأمر التشريعيّ بطلت صلاته، وإن لم ‏يقصد به الجزئيّة فالبطلان موقوف على كونه فعلاً كثيراً ماحياً لصورة الصلاة أو ممّا تكون زيادته ولو بغير قصد الجزئيّة مبطلة، وسيأتي ضابطه في أحكام الخلل.مسألة 576إذا شكّ في النيّة وهو في الصلاة، فإن علم بنيّته فعلاً وكان شكّه في الأجزاء السابقة مضى في صلاته، كمن شكّ في نيّة صلاة الفجر حال الركوع مع العلم بأنّ الركوع قد أتى به بعنوان صلاة الفجر، وأمّا إذا لم ‏يعلم بنيّته حتّى فعلاً فلا بُدَّ له من إعادة الصلاة، هذا في غير المترتّبتين الحاضرتين كالظهر والعصر، وأمّا فيهما فلو لم ‏يكن آتياً بالأُولى أو شكّ في إتيانه بها وكان في وقت تجب عليه، جَعَلَ ما بيده الأُولى وأتمّها ثُمَّ أتى بالثانية.مسألة 577إذا دخل في فريضة فأتمّها بزعم أنّها نافلة غفلة صحّت فريضة، وفي العكس تصحّ نافلة.مسألة 578إذا قام لصلاة ونواها في قلبه فسبق لسانه أو خياله خطوراً إلى غيرها صحّت على ما قام إليها ولا يضرّ سبق اللسان ولا الخطور الخياليّ. تكملة العدول في النيّة مسألة 579لا يجوز العدول عن صلاة إلى أُخرى، إلّا في موارد:منها: مــا إذا كانت الصلاتــان أدائيّتين متــرتّبتين - كـــالظهريـــن والعشاءيـــن - وقد دخل في الثانية قبل الأُولى، فإنّه يجب أن يعدل إلى الأُولى إذا تذكّر في الأثناء إلّا إذا لم‏ تكن وظيفته الإتيان بالأُولى لضيق الوقت.ومنها: إذا كانت الصلاتان قضائيّتين فدخل في اللاحقة ثُمَّ تذكّر أنّ عليه سابقة فإنّ المشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) جواز العدول إلى السابقة، ولكن الأحوط لزوماً عدم العدول.ومنها: ما إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه فائتة، فإنّه يجوز العدول إلى الفائتة مع عدم تضيّق وقت الحاضرة، بأن كان متمكّناً من أدائها بتمامها في الوقت بعد إتمام الفائتة.وإنّما يجوز العدول في الموارد المذكورة، إذا ذكر قبل أن يتجاوز محلّه، أمّا إذا ذكر في ركوع رابعة العشاء - مثلاً - أنّه لم ‏يصلِّ المغرب فلا محلّ للعدول فيتمّ ما بيده عشاءً ويأتي بالمغرب بعدها.ومنها: ما إذا نسي فقرأ في الركعة الأُولى من صلاة الجمعة سورة تامّة غير سورة الجمعة، فإنّه يستحبّ له العدول إلى النافلة ثُمَّ يستأنف الفريضة ويقرأ سورة الجمعة.ومنها: ما إذا دخل في فريضة منفرداً ثُمَّ أقيمت الجماعة للصلاة التي دخل فيها، فإنّه يستحبّ له العدول بها إلى النافلة مع بقاء محلّه - وهو ما قبل القىام إلى الركعة الثالثة - ثُمَّ يتمّها ويدخل في الجماعة.ومنها: ما إذا دخل المسافر في القصر ثُمَّ نوى الإقامة قبل التسليم فإنّه يعدل بها إلى التمام، وإذا دخل المقيم في التمام فعدل عن الإقامة عدل بها إلى القصر - إلّا إذا كان عدوله بعد ركوع الثالثة فإنّه تبطل صلاته حينئذٍ - ولكن هذا ليس من موارد العدول من صلاة إلى صلاة لأنّ القصر والتمام ليسا نوعين من الصلاة بل فردين لنوع واحد يختلفان في الكيفيّة.مسألة 580إذا عدل في غير محلّ العدول فإن كان ساهياً ثُمَّ التفت أتمّ الأُولى إن لم‏ يأتِ بشيء من الأجزاء بنيّة الثانية أو أتى به ولكن تداركه، نعم إذا كانت ركعة بطلت الصلاة وكذا إذا كان ركوعاً أو سجدتين على الأحوط لزوماً، وأمّا المتعمّد في العدول في غير محلّه فيجري عليه ما تقدّم في المسألة (575).مسألة 581يجوز تَرامي العدول، فإذا كان في لاحقة أدائيّة فذكر أنّه لم‏ يأتِ بسابقتها فعدل إليها ثُمَّ تذكّر أنّ عليه فائتة فعدل إليها أيضاً صحّ.الفصل الثاني في تكبيرة الإحرام وتسمّى تكبيرة الافتتاح، وصورتها: (الله أكبر ) ولا يجزئ مرادفها بالعربيّة، ولا ترجمتها بغير العربيّة، وإذا تمّت حَرُمَ ما لا يجوز فعله من منافيات الصلاة، وهي ركن تبطل الصلاة بنقصها عمداً وسهواً، وتبطل بزيادتها عمداً، فإذا جاء بها ثانية بطلت الصلاة فيحتاج إلى ثالثة، فإن جاء بالرابعة بطلت أيضاً واحتاج إلى خامسة، وهكذا تبطل بالشفع وتصحّ بالوتر، ولا تبطل الصلاة بزيادتها سهواً، ويجب الإتيان بها على النهج العربيّ - مادّةً وهيئةً - والجاهل يلقّنه غيره أو يتعلّم، فإن لم ‏يمكن ولو لضيق الوقت اجتزأ بما أمكنه منها وإن كان غلطاً ما لم ‏يكن مغيّراً للمعنى، فإن عجز جاء بمرادفها، وإن عجز فبترجمتها على الأحوط وجوباً في الصورتين الأخيرتين.مسألة 582الأحوط الأولى عدم وصل التكبيرة بما قبلها من الكلام دعاءً كان أو غيره، لئلّا تدرج همزتها إذا لم يكن الوصل بالسكون، كما أنّ الأحوط الأولى عدم وصلها بما بعدها من بسملة أو غيرها، وأن لا يعقّب اسم الجلالة بشيء من الصفات الجلاليّة أو الجماليّة، وينبغي تفخيم اللّام من لفظ الجلالة والرّاء من أكبر .مسألة 583يجب فيها مع القدرة القيام التامّ فإذا تركه - عمداً أو سهواً - بطلت، من غير فرق بين المأموم الذي أدرك الإمام راكعاً وغيره، بل يجب التربّص في الجملة حتّى يعلم بوقوع التكبير تامّاً قائماً، وأمّا الاستقرار في القيام المقابل للمشي والتمايل من أحد الجانبين إلى الآخر أو الاستقرار بمعنى الطمأنينة فهو وإن كان واجباً حال التكبير ولكن إذا تركه سهواً لم‏ تبطل الصلاة، وأمّا الاستقلال - بأن لا يتّكئ على شيء كالعصا ونحوه - فالأحوط وجوباً رعايته أيضاً مع التمكّن، ولا يضرّ الإخلال به سهواً.مسألة 584الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التكبيرة يأتي بها على قدر ما يمكنه، فإن عجز حرّك بها لسانه وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها إذا تمكّن منها على هذا النحو، وإلّا فبأيّ نحو ممكن، وأمّا الأخرس الأصمّ من الأوّل فيحرّك لسانه وشفتيه تشبيهاً بمن يتلفّظ بها مع ضمّ الإشارة بالإصبع إليها أيضاً، وكذلك حالهما في القراءة وسائر أذكار الصلاة.مسألة 585يجزئ لافتتاح الصلاة تكبيرة واحدة ويستحبّ الإتيان بسبع تكبيرات، والأحوط الأولى أن يجعل السابعة تكبيرة الإحرام مع الإتيان بما قبلها رجاءً.مسألة 586يستحبّ للإمام الجهر بواحدة والإسرار بالبقيّة، ويستحبّ أن يكون التكبير في حال رفع اليدين مضمومة الأصابع حتّى الإبهام والخنصر مستقبلاً بباطنهما القبلة، والأفضل في مقدار الرفع أن تبلغ السبّابة قريب شحمة الأذن.مسألة 587إذا كبّر ثُمَّ شكّ في أنّها تكبيرة الإحرام أو للركوع، بنى على الأُولى فيأتي بالقراءة ما لم يكن شكّه بعد الهويّ إلى الركوع، وإن شكّ في صحّتها بنى على الصحّة، وإن شكّ في وقوعها وقد دخل فيما بعدها من الاستعاذة أو القراءة بنى على وقوعها.مسألة 588يجوز الإتيان بالتكبيرات ولاءً بلا دعاء، والأفضل أن يأتي بثلاث منها ثُمَّ يقول: (اللّهم أنت الملك الحقّ، لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي، فاغفر لي ذنبي، إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت) ثُمَّ يأتي باثنتين ويقول: (لبّيك، وسعديك، والخير في يديك، والشرّ ليس إليك، والمهديّ من هديت، لا ملجأ منك إلّا إليك، سبحانك وحنانيك، تباركت وتعاليت، سبحانك ربّ البيت).ثُمَّ يأتي باثنتين ويقول: (وجّهت وجهي للّذي فطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومَحياي ومَماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين) ثُمَّ يستعيذ ويقرأ سورة الحمد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فتنة الاعور الدجال - الجزء الثاني

فتنة الاعور الدجال